منوعات

من قرية صغيرة إلى طبيب مبدع: قصة الطبيب السويدي نيلز أنفال مبتكر جهاز غسيل الكلى

من قرية صغيرة إلى طبيب مبدع: قصة الطبيب السويدي نيلز أنفال مبتكر جهاز غسيل الكلى
 image

دعاء حسيّان

أخر تحديث

Aa

غسيل الكلى

من قرية صغيرة إلى طبيب مبدع: قصة الطبيب السويدي نيلز أنفال مبتكر جهاز غسيل الكلى

في عالم الطب والعلوم الطبية، تظهر بين الحين والآخر شخصيات بارزة قادرة على تحويل مجرى التاريخ من خلال ابتكاراتها الرائدة وإسهاماتها الكبيرة في تطوير تقنيات العلاج. ويعتبر الطبيب السويدي، نيلز ألفال، الذي حقق إنجازاً طبياً استثنائياً في مجال علاج الكلى والغسيل الكلوي، واحداً من هذه الشخصيات البارزة. 

نشأته

ولد نيلز ألفال في 7 أكتوبر/ تشرين الثاني عام 1904، باسم نيلز أندرسون، في قرية صغيرة جنوب السويد. وبدأت اهتماماته بالجوانب التقنية للعالم المحيط به، إلى جانب موهبته في القيادة، تظهر في مراحل مبكرة من عمره. 

في عام 1923 تخرج من المدرسة الثانوية وأكمل دراساته في الرياضيات والفيزياء والكيمياء. وفي ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام بدأ دراسته الطبية في جامعة لوند. ويُذكر أنه شارك بفعاليات اتحاد الطلاب في الجامعة، وشغل منصب الأمين والنائب التنفيذي فيه. 

وفي لجنة تعزيز الصحة، قام بتنفيذ تدابير تهدف إلى الوقاية والعلاج من السل الذي كان شائعاً في ذلك الوقت بين طلاب الطب، حيث قام بإجراء جلسات فحص إشعاعي واختبار سرعة الترسيب للطلاب المرضى بانتظام، واحتفظ بأربعين سريراً بتكلفة منخفضة في منتجع قريب للمرضى المتعافين. 

شارك نيلز أيضاً في تنظيم الاحتفالات الطلابية الدورية التي استُخدمت أرباحها لتعزيز مكتبة المنتجع، كما تمت دعوته لإلقاء الخطب في المناسبات المماثلة. ومن الجدير بالذكر أنه قضى صيفي عامي 1924 و1925 في تدريب عسكري في وحدة طبية، وحصل على رخصة قيادة الدراجة النارية العسكرية. وفي عام 1942، تمت ترقيته إلى رتبة نقيب في الوحدات الطبية.

في السنة الثانية من دراسته، بدأ نيلز يظهر اهتماماً خاصاً بعلم وظائف الأعضاء، حيث عرضت عليه وظيفة مساعد بدون راتب، لكن مع توفير سكن مجاني في السقيفة التابعة لمعهد علم وظائف الأعضاء. وهناك، استمر نيلز في دراسة الطب لمدة أربع سنوات، قدم خلالها دروساً للطلاب وأجرى أبحاثه التجريبية الخاصة. 

ويُذكر أنه في عام 1927، قرر نيلز وشقيقه إدفين تغيير اسم العائلة إلى ألفال، وهو اسم المزرعة التي ولدا فيها. 

بدايات البحث في علاج الغسيل الكلوي

بعد التخرج في عام 1930، تخصص نيلز في الأمراض الداخلية. وبين عام 1930 و1938، عمل في مستشفيات لوند ويوتوبوري ومالمو، وبدأ بالاهتمام بحالات الفشل الكلوي والأمراض الكلوية المختلفة بعد توجيهه إلى العمل في القسم الكلوي لمستشفى مالمو الجامعي تحت إشراف البروفيسور، مارينو بوريل. 

تجدر الإشارة إلى أنه تم إجراء أولى الأبحاث الكلوية الشاملة حول وظائف الكلى في مستشفى مالمو، باستخدام اختبار الكيبرن، الذي أعطى نتائج غير متوقعة، حيث اكتشف فيه أنه يتم تصفية أقل من 20% فقط من الدم في الكلى بواسطة البول. ليتبين لاحقاً أن الاختبار لم يكن دقيقاً بشكل كافٍ. 

دفع هذا الأمر نيلز للبحث عن طرق لتحسين وظائف الكلى، وركزت بحوثه الأولى على استخدام التبريد للحفاظ على الكلى وتجنب إلحاق الأضرار بها أثناء الجراحة. وقد أظهرت التجارب الحيوانية الأولى أنه بإمكان الكلى تحمل فترات قصيرة من البرد. 

تطور الأبحاث

استناداً إلى نجاحه في استخدام التبريد في الجراحة، بدأ نيلز في البحث عن طرق لتوسيع تطبيقاتها. وبالتعاون مع متخصصين آخرين، تم تحسين التقنيات، واستمرت التجارب على الحيوانات، التي تم فيها استخدام آلات الغسيل الكلوي الأولى لأغراض التجارب، والتي كانت تُشبه أجهزة التبريد المحسنة تماماً.

 تم العمل على تطوير هذه الآلات في جميع أنحاء العالم بشكل مستقل في وقت لاحق، وتمت مشاركة الأفكار والتقنيات، في هذا الصدد، بين الباحثين من مختلف الدول. كما تم تقديم أول عرض عن الغسيل الكلوي في المؤتمر السويدي الكبير لأمراض القلب والأوعية الدموية في فبراير/ شباط 1944، ما أدى إلى توجيه اهتمام الأطباء إلى مجموعة جديدة من الإجراءات الجراحية والعلاجات، التي أشعلت اهتمام الكثيرين للبحث في هذا المجال. 

في عام 1945، قرر نيلز ألفال التفرغ بشكل كامل لأبحاث الغسيل الكلوي، وبدأ في تطوير آلة الغسيل الكلوي الأولى، AK-1، التي تعمل على التبريد بالثلج، والتي تم تزويدها بوحدة تنظيف للدم، ووحدة لتسخين الدم بعد التبريد. وتم استخدامها لأول مرة في عملية غسيل كلوي ناجحة على إنسان في سبتمبر/أيلول 1946. 

نجاح الغسيل الكلوي وانتشاره

بفضل عمله البارز في مجال الغسيل الكلوي، انتشرت هذه التقنية بسرعة في جميع أنحاء العالم، وتم تأسيس مراكز عديدة للغسيل الكلوي في مختلف البلدان، كما بدأت الأبحاث تتوسع لتشمل مجموعة متنوعة من الموضوعات ذات الصلة بأمراض الكلى والعلاجات. وفي عام 1948، نشر نيلز ألفال أول كتاب له بعنوان "علاج الغسيل الكلوي"، والذي كان يحتوي على توجيهات مفصلة حول هذه التقنية الجديدة.

وتقديراً لجهوده الرائدة ومساهماته الكبيرة في مجال الطب، تم تقديم جائزة نوبل في الطب لنيلز ألفال في عام 1950، فضلاً عن نصب تمثال له في مدينة يوتوبوري السويدية لتخليد ذكرى إسهاماته المهمة. 

الإرث والمستقبل

بعد حصوله على جائزة نوبل، توجه نيلز ألفال إلى الولايات المتحدة حيث قضى هناك وقتاً كأستاذ زائر في جامعة هارفارد وجامعة واشنطن في سانت لويس، ساهم فيخ بشكل كبير في تطوير برامج الغسيل الكلوي.  

تجدر الإشارة إلى أن هذه التقنية الحيوية أنقذت العديد من الأرواح حول العالم وأسهمت في تحسين جودة حياة الكثيرين الذين يعانون من أمراض الكلى، ومنحتهم فرصة للعيش بشكل أفضل.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - منوعات

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©